في إطار المهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية في دورتها 23، ضرب عشاق الفن الرابع موعدا مع مسرحية بلا إشارة – Pas de signal لسامي الجويني وذلك يوم 6 ديسمبر 2022 على الساعة الرائعة مساء بقاعة المبدعين الشبان بمدينة الثقافة بتونس.
استهلت المسرحية بمؤثرات موسيقية تصويرية . توسط خشبة المسرح بصيص من الضوء الخافت في سينوغرفيا بسيطة اعتمدت ديكور بسيط لتبين اداء متميز لممثليين محترفين شد الجمهور الحاضر للعرض منذ بدايته.
اعتمد المخرج سامي الجويني سينوغرافيا جمالية هندست الفضاء من خلال توفير انسجام متآلف بين ما هو سمعي وبصري وحركي.
تموضع على الخشبة ممثل تعرف من خلال وفقته ونظرته وحركة يده البطئية شدة غضبه ينتابك الشعور بالخوف و الرهبة تارة و التشويق والفضول تارة أخرى لمعرفة ماهية الحكاية.
إنطلق على اثرها العنان لخمسة ذوات بشرية كل واحدة و قصتها الخاصة بها. رغم اختلافاتهم الاجتماعية والثقافية جمعهم القدر في مكان واحد .
تتالت الأحداث الدرامية في سرد سلس لتفاصيلها من قبل الشخصيات تعرف الجمهور على كل واحد منهم .
تجد شخصية “الشيخ” جسدها الممثل أحمد حشيشة شخصية متدينة وجد ضالته في تدينه ليحقق توازنه النفسي وشخصية “العرافة” تقمصتها الممثلة إشراف الطمومي شخصية أمية منفعلة حينا ومتحمسة احيانا تتوق للنجاة بكل السبل.
في دور “الطبيبة الجراحة” الممثلة أنس الهمامي شخصية مثقفة رصينة إمراة تونسية حرة تبحث عن السلام تدعو للتضامن للخروج من الازمة.
أما شخصية” الدهان” لعب دورها الممثل أسامة غلام ذلك الباحث عن الكنوز المدفونة مقته للفقر والخصاصة جعله في بحث دون توقف عن الكنز المدفون او ما سماه ب”الوديعة” غير مبال بالوباء عدوه الوحيد.
في حين لعب الممثل شكيب الغانمي دور “الغريب” وكان إسمه على جسمه رجل غريب الاطوار شخصية مركبة مهيمن متلسط خبيث اشعل الفنتة بين الاخرين لينال مايريد.
هروب من “وباء مجهول”
التقى أربعتهم في مكان مهجور في مقبرة هروبا من هذا الوباء من هذا “المجهول” ربما من ظلم راع وقهر رعية او من فقر اخلاقي و مادي او من جهل وتهميش واقصاء او من فساد ساد كل الارجاء. الكل في بحث عن وطن يطيب فيه العيش الكريم ليأتي فجأة هذا “الغريب” كطوق نجاة. لكن … هيهات.
“بلا إشارة” كلها إشارات مباشرة و غير مباشرة إشارات ظاهرة وباطنة في ثنائية بين الامل المنشود و الواقع الموجود، بين حلم في غد آمن وكابوس معاش في الحاضر.
خيم على الأحداث وطبيعة الشخصيات، الشعور بالخوف من غد مجهول المعالم من ناحية والتمسك بالحاضر وبالمجموعة من ناحية أخرى . لكل شخصية وجع عميق رغم اختلافهم الايديولوجي جمعهم هذا الوجع “صدفة” في نفس الاطار الزمكاني الغير معلوم فهل يتحدوا لعبور بر الامان أم يفترقوا كل في حال سبيله؟
يأتي هذا “الغريب” لتتغير المواقف وتفترق السبل. تعلق الجميع به كقشة للنجاة ليستغل هذا الاخير الخوف ويبث في نفس كل طرف الشك ويأجج الفتن مما تسبب في نهايتهم.
نستخلص في الاخير ان الوباء الحقيقي ليس ذلك الفيروس القاتل المنتشر وانما الكذب والنفاق والانانية والمحسوبية والشر النابع من الانسان ذاته. هو الوباء الحق الذي يهدد الحياة ويفقدها توازنها وهذا ما جاء على لسان الناجية الوحيدة من “الوباء المجهول” الا وهي “الطبيبة” تلك الشخصية المثقفة الواعية التي سردت لنا أحداث مسرحية “بلا اشارة Pas de “Signal” انتاج شركة ريمان للإنتاج والتوزيع الفني في رسالة واضحة المعالم: بالعلم ننجو من اي خطر داهم.
ألبوم صور من العرض:
الثقافية متابعات